القيسي: في السعودية عدد كبير من الشعراء تستحق تجاربهم أن تعبر الآفاق..
حاوره- محمد الحمامصي
يواصل الشاعر السعودي أحمد يحيي القيسي في تجربته الشعرية الجديدة في ديوانه “لستُ هنا.. هل رآني أحد؟!” الصادر هذا الأسبوع عن مؤسسة أروقة للنشر سعيه إلى تحقيق خصوصية نسيجه ورؤيته وعالمه الشعري، فهو ينطلق من مركز تشكل الذات داخل العالم ليواجه تساؤلات الحياة ويقاوم آلام وهموم وتخوفات هزائمها وانهياراتها، ويقدم صورا جدلية لمشاهد وجوده متقلبا بين الأنا والآخر دون أن يضطر للافتعال أو الانفعال، وقد انعكس ذلك على لغته وصوره فأتت غير تقليدية.
لقد سبق للقيسي أن أصدر ديوانا واحدا بعنوان “أرتب فوضى سكوني” عن دار طوى للنشر والإعلام، كما نشر العديد من القصائد في الصحف والدوريات العربية؛ فضلا عن حصوله على جائزة “شاعر شباب عكاظ الأولى” في سوق عكاظ بالطائف عام 2009.
وفي هذا الحوار معه نتعرف على تجربته وآرائه وأفكاره حول الشعر والنقد.
بداية قال القيسي عن تجربته: تجربتي الشعرية ككل تجارب الآخرين بدأت خجولة، ولا أدري تحديداً ما الذي كان يمنعني من عرض نصوصي حتى لأقرب الأقربين، أهو الحياء أم الخوف من المواجهة؟ أيقنت في مرحلة الدراسة الجامعية أن لدي من النصوص ما يستحق الظهور، فكانت منصتي الأولى المنتديات الأدبية والمدونات، ولعل أبرز تلك المنتديات “أروقة جنون” و”رابطة جدل”، و”أكاديمية قامات”.
أما عن النشر فأول نص نُشِر لي في صحيفة “الوطن” السعودية، وتبعته بعد ذلك نصوص عدة، والفضل في ذلك يعود للشاعر والأديب عبدالمحسن يوسف المشرف على الصفحة الثقافية آنذاك، هذا الرجل معروف بمواقفه مع الأدباء الناشئين وتشجيعه لهم، ثم بعد ذلك نشرت نصوصي في عدة صحف محلية وعربية.
هناك محطة أخرى يجدر بي الإشارة إليها لِمَا لها من أهمية في مشواري الأدبي القصير، أعني أهمية إعلامية، وهي جائزة سوق عكاظ التي حصلت عليها عام 2009، والمعروف عن الجوائز الأدبية أنها تقفز بالأديب إعلامياً إلى نقطة لا يستطيع الوصول إليها – في الحالات العادية – إلا بعد سنوات.
ورأى القيسي أن رؤية الأديب غير قارة، تتغير مع مرور الوقت، تؤثر فيها الظروف المحيطة بالأديب سواء كانت الظروف سياسية أو اجتماعية أو نفسية، والأديب الذي كتَبَ في الثمانينيات لم يعد يكتب الآن وفق رؤيته السابقة، أما عني فرؤيتي التي يمكن أن تلمسها في نصوصي تنطلق من “الأنا” و”الأنا والآخر”، الغوص في أعماق الذات والبحث الدائب عني في أكثر الأشياء بساطة وأكثرها تعقيداً، يمكن أن تجد هذه الرؤية جلية في نصوص مجموعتي الثانية “لستُ هنا.. هل رآني أحد؟!” التي صدرت أخيراً.
وأكد أن هيكل القصيدة “كلاسيكية الشكل” ما زال صامداً أمام كل التحديات ولا ينذر بالسقوط، وأضاف “البناء الخليلي له جمهور واسع يطرب له، وربما لا يعترف بغيره، لذا لا يمكن أن أجزم بأن زمانه ولى، أو أنه يحتضر. فهو حاضر إلى جانب الأنواع الشعرية الأخرى، وهناك من ينتظر قدومه. لكن رأيي سيتخذ مجرىً آخر إذا ما تحدثتُ عن “كلاسيكية التعبير” التي بدأت تتوارى عن الأنظار والأسماع ، ولم يعد لها حضور إعلامي كالسابق.
وحول رؤيته للمشهد الشعري العربي والتفاعلات القائمة بين أشكال القصيدة من عمودية وتفعيلة ونثر، قال: من الإنصاف أن نتحدث عن المشهد الشعري من الفعاليات التي تُقام للشعر أو تلك التي يكون الشعر جزءاً من اهتمامها وأعني المهرجانات والملتقيات والجوائز، وهي كثيرة، ويشي ظاهرها بأن المشهد الشعري بخير، ولكن الملاحظ أن تلك الفعاليات تنقصها التغطية الإعلامية الجيدة.
أما عن التفاعلات القائمة بين أشكال القصيدة، فالملاحظ أن الصراع بين الأنواع الشعرية هدأ، ربما آمن كل طرف بوجود الآخر. أو أنه رأى ألا جدوى من استمرار الجدل الواسع الذي قام بسبب ظهور نوع شعري جديد. خاصة أن هذا الجديد أثبت حضوره ووجد آذاناً تصغي إليه.
ولفت القيسي إلى أن المملكة العربية السعودية تحفل بالشعر والشعراء حيث يوجد عدد كبير من الشعراء، تستحق تجاربهم أن تعبر الآفاق، يقابل هذه الكثرة وهذا الإبداع تقصير واضح من الأندية الأدبية في القيام بدورها تجاههم، تمر أشهر على بعض الأندية وهو لم يعلن عن إقامة فعالية واحدة بالرغم من الدعم الكبير الذي تتلقاه. كما أن الإعلان عن الفعاليات باهت جداً، وهذا ما يفسر عدم إقبال الناس عليها.
وأشار إلى أن النقد ليس باستطاعته مواكبة كل التجارب الشعرية، يمكننا أن نُحصي عدد النقاد في العالم العربي، لكننا لا نستطيع أن نحصي عدد الشعراء، ومن ناحية أخرى لم يعد الشعر هو الشغل الشاغل للنقد، تعددت اهتمامات النقد في هذه المرحلة بين أدب وموسيقى وسينما وفن ووو، ثم هل الشاعر بحاجة ملحة إلى ناقد؟
لقراء نص اللقاء كاملا
(ميدل ايست اونلاين)